القرآن الكريم كلام الله عز وجل وهو أفضل الكلام على الإطلاق ، وهو حياة للقلوب والأرواح ، ومن بركاته أنه يهديك في كلِّ شيء إلى أحسنه وأصوبه قال تعالى: ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾. [الإسراء: ٩] ، وهو سبب لمحبة الله عز وجل قال ابن مسعود رضي الله عنه: “من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله فليعرض نفسه على القرأن، فإن أحب القرآن فهو يحب الله فإنما القرآن كلام الله”.

ووردت أحاديث كثيرة تبين فضل تلاوته وتعلمه وتعليمه ومكانة ومنزلة أهله منها: قوله صلى الله عليه وسلم: “خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ” رواه البخاري ، وقوله عليه الصلاة والسلام: “مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ” رواه البخاري ، وقوله صلى الله عليه وسلم : “الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران” رواه البخاري ، وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ”، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ:”هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ”. رواه النسائي وابن ماجة.

فاغتنموا أوقاتكم وحثوا أولادكم وبناتكم وطلابكم على قراءة وتدبر وحفظ وتعلم وتعليم القرآن الكريم
قال ابن قدامة رحمه الله: “من وجد خُلْسَةً فيٰ وَقْتٍ، فليغتنم كثرة الْقِرَاءَةِ للقرآن، ليفوز بكثرة الثواب”. مختصر منهاج القاصدين (٥٢/١).

وكثرة قراءة القرآن تولد عند القارئ الذي يستمتع بقراءته حلاوة ولذة بتلاوته ، وراحة نفسية واطمئنان وسكينة في القلب ، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾. [الرعد: 28] ، وبتكرار القراءة بتلذذ فإن القارئ سوف يحاول أن يفهم ما يقرأ من القرآن بوعي وبصيرة ، فإذا فهم ما يقرؤه بوعي وبصيرة فإنه لاشك سوف يدخل إلى محراب التفكر والتدبر، ويبدأ بالتدبر لآيات الله في القرآن وعندها يكون عمل بمقتضاها عن علم ووعي وبصيرة.

يقول ابن الجوزي رحمه الله: “كان الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم إذا نشأ لأحدهم ولد شغلوه بحفظ القرآن وسماع الحديث فيثبت الإيمان في قلبه”.

والقرآن الكريم شفيعاً لأصحابة يوم القيامة ، وكل الناس تجمع فى مقامٍ واحد يوم القيامة إلا حافظ القرآن مع الملائكة السفرة الكرام البررة ، وكل النّاس يفرّون من بعضهم يوم القيامة إلا حافظ القرآن يبحث عن والديه ليلبسهم تاج الوقار ، ولا يكتفى القرآن بإيصالك للجنة بل لا يزال مع قارئه يقرأه في الجنة حتى يصل لأعلى درجاتها قال صلى الله عليه وسلم: (يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها). رواه أبو داود.

وها نحن اليوم نعيش عرساً قرآنياً عظيماً وهو مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره بدورتها “٤٢” بمكة المكرمة التى بدأت فعاليتها في هذا اليوم السبت وانطلقت برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله بمشاركة “153” متسابقاً يمثلون “111” من دول العالم، وتقام في رحاب المسجد الحرام خلال الفترة من 14 إلى 25 من الشهر الجاري، وتقدر قيمة جوائزها بـمليونَيْن وسبعمائة ألف ريال.

وقد شارك في المسابقة الدولية منذ تأسيسها إلى هذا العام أكثر من (٦٠٠٠) ستة الآف متسابق من جميع قارات العالم.

فأهلاً وسهلاً بكم يا أهل القرآن الكريم ، يا من تحملون القرآن في صدوركم ، فأنتم خير الناس وأفضل الناس في الدنيا والأخرة ، أهلا بكم في مكة المكرمة ، مهبط الوحي ، ومنبع الرسالة ، ومكان نزول القرآن الكريم ، وأوصيكم بتدبره والعمل به وأن تتخلقوا بأخلاق القرآن التي كانت خلق الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان خلقه القرآن وتكونوا قدوة صالحة لغيركم في أقوالكم وأفعالكم وسلوككم وتعاملكم مع الناس ، أسأل الله العظيم أن يوفق خادم الحرمين الشريفين لكل خير وفلاح وصحة ونجاح وأن يجعل هذه الأعمال الصالحة في ميزان أعماله يوم القيامة ، وأن ينفع الله بها الإسلام والمسلمين ، وحفظ الله المملكة قيادةً وشعباً وحفظ الله جميع بلاد المسلمين.